كيف يحمي الأمن السيبراني المؤسسات الحقوقية من الاختراق والتجسس الرقمي؟

 المعركة من أجل الحقوق والحريات باتت جزءًا من صراع رقمي شرس، تبرز أهمية الأمن السيبراني كدرع لا غنى عنه للمؤسسات الحقوقية. هذه الجهات، التي تقف في وجه الانتهاكات وتدافع عن كرامة الإنسان، أصبحت في مرمى قراصنة ترعاهم دول، يهدفون لإسكاتها، تشويه صورتها، أو سرقة بياناتها الحساسة. في هذا السياق، لم يعد الأمن السيبراني ترفًا تقنيًا، بل ضرورة استراتيجية لبقاء الرسالة الحقوقية على قيد الحياة.


 لماذا تستهدف الهجمات السيبرانية المؤسسات الحقوقية؟

تُعد المنظمات الحقوقية هدفًا مثاليًا لجهات التهديد السيبراني للأسباب التالية:

  • احتواؤها على بيانات حساسة عن انتهاكات، ضحايا، وشهود.

  • كشفها لجرائم دولية ما يجعلها على احتكاك مباشر مع الأنظمة القمعية.

  • تعاملها مع إعلام دولي ومحاكم مما يجعلها ذات تأثير سياسي حقيقي.

  • ضعف الموارد التقنية لدى بعض هذه المؤسسات، ما يجعلها فريسة سهلة للهجمات المتقدمة.


 التهديدات السيبرانية التي تواجهها المنظمات الحقوقية في 2025:

وفقًا لتقارير أمنية حديثة، أبرزها من Volexity وCitizen Lab، تشمل أبرز التهديدات:

  1. الهندسة الاجتماعية المتطورة عبر واتساب وتيليغرام وسينغال.

  2. استغلال بروتوكولات المصادقة مثل OAuth 2.0 لسرقة رموز الوصول إلى البريد والملفات.

  3. التجسس عبر تطبيقات مزيفة يتم زرعها على هواتف الموظفين.

  4. استخدام برامج تجسس مثل Pegasus وPredator لاستهداف النشطاء والمديرين التنفيذيين.

  5. الهجمات عبر سلسلة التوريد البرمجية، كما حدث مع مكتبة xrpl.js التي تم زرع باب خلفي بها.


 أمثلة واقعية حديثة:

  • في أبريل 2025، استهدفت جهات تهديد روسية حسابات نشطاء حقوقيين باستخدام روابط رسمية من مايكروسوفت لسرقة رموز OAuth، ثم تسجيل أجهزة جديدة على نظام Microsoft Entra ID.

  • في 2024، تم تسريب آلاف الملفات من منظمة غير حكومية أفريقية بعد هجوم تصيّد ناجح استهدف موظفة جديدة.

  • تعرضت منظمة تعمل على توثيق جرائم حرب في ميانمار لهجوم فدية (Ransomware) أدى إلى تعطيل أنظمتها بالكامل لمدة أسبوعين.


 استراتيجيات الأمن السيبراني لحماية المؤسسات الحقوقية:

 1. التدريب المستمر للموظفين

  • يجب على جميع العاملين (وليس فقط التقنيين) فهم كيفية التعرف على رسائل التصيّد، وأهمية التحقق من الروابط والمرسلين.

2. تفعيل المصادقة متعددة العوامل (MFA)

  • حماية الحسابات الحساسة يجب أن تعتمد على MFA، خاصة عند الوصول للبريد الإلكتروني، والملفات السحابية، وأدوات الاجتماعات.

 3. تقييد الأجهزة المسموح لها بالوصول

  • من خلال أدوات مثل Microsoft Conditional Access، يمكن حصر الدخول على أجهزة معتمدة فقط.

4. اعتماد حلول النسخ الاحتياطي المشفّرة

  • في حال حدوث هجمات فدية أو اختراقات، يجب أن يكون لدى المنظمة نسخة احتياطية آمنة ومحدثة باستمرار.

 5. الاعتماد على بنية تحتية موثوقة

  • استخدام خدمات سحابية من مقدّمي خدمات موثوقين وتحديث البرمجيات بشكل دوري.

 6. تحليل سجلّات الدخول والأنشطة

  • مراقبة تسجيلات الدخول الغريبة، خاصة تلك التي تأتي من بلدان غير متوقعة أو عبر بروكسيات مجهولة.


 توصيات :

  • لا تنتظر وقوع الهجوم لتبدأ في تأمين مؤسستك، فالثغرات لا تنتظر، والخصوم لا يرحمون.

  • استثمر في الأمن السيبراني كما تستثمر في حملاتك الحقوقية، فهو خط دفاعك الأول.

  • تعاون مع خبراء الأمن السيبراني الذين يفهمون طبيعة عملك الحساسة، ويوفرون لك الحلول المناسبة.

 

محمد الشرشابي
محمد الشرشابي
المقالات: 83

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.