أعلنت الحكومة البريطانية عن خطة أمنية جديدة تهدف إلى منع مراكز الاتصال الأجنبية من انتحال أرقام الهواتف البريطانية، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها لمكافحة ظاهرة الاحتيال الهاتفي التي تكبّد المواطنين والشركات خسائر بملايين الجنيهات سنوياً.
تحديث شامل للبنية التحتية لشبكات الاتصالات
بحسب البيان الرسمي، ستقوم شركات الاتصالات البريطانية الكبرى بترقية شبكاتها بحيث تُلغى إمكانية انتحال (Spoofing) الأرقام المحلية من قِبل جهات اتصال خارجية. فابتداءً من المرحلة المقبلة، سيتم تمييز المكالمات الواردة من الخارج بعلامة خاصة تُظهر للمستخدم أن مصدرها ليس داخل المملكة المتحدة، ما يحدّ من قدرة المحتالين على إيهام الضحايا بأنهم يتحدثون من مؤسسات محلية مثل المصارف أو الهيئات الحكومية.
كما ستُطبّق الشركات ما يُعرف بـ تقنيات تتبّع المكالمات المتقدمة (Advanced Call Tracing Technology)، التي تتيح للسلطات تتبّع المسارات الرقمية للمكالمات الاحتيالية عبر الحدود والوصول إلى الشبكات الإجرامية التي تديرها، تمهيداً لتفكيكها وملاحقة القائمين عليها.
مكافحة الخداع الهاتفي… معركة تكنولوجية مستمرة
تأتي هذه الخطوة في سياق معركة طويلة تخوضها بريطانيا ضد عمليات الاحتيال الصوتي التي شهدت تصاعداً حاداً منذ جائحة كورونا، إذ استغلّ المجرمون ثقة المستخدمين في المكالمات الرسمية لانتحال شخصيات مصرفيين أو موظفي خدمة عملاء. وقد رصدت وكالة الاتصالات (Ofcom) أكثر من 1.3 مليار مكالمة مزيفة خلال عام واحد فقط، فيما تشير تقديرات هيئة مكافحة الجريمة إلى أن خسائر الاحتيال الهاتفي تجاوزت 500 مليون جنيه إسترليني خلال العامين الماضيين.
وكانت العديد من هذه المكالمات تنطلق من مراكز اتصال في آسيا وإفريقيا وأوروبا الشرقية، حيث تُستَخدم تقنيات إخفاء الهوية لإظهار الرقم وكأنه صادر من مدينة بريطانية. هذه التقنية المعروفة بـ Caller ID Spoofing تتيح للمحتالين تجاوز أنظمة الحماية التقليدية والظهور بمظهر شرعي على هواتف الضحايا.
تكنولوجيا تتبع متقدمة وتعاون أمني عابر للحدود
يُتوقع أن تُسهم التقنية الجديدة في تسريع التعاون بين شركات الاتصالات ووحدات الجرائم السيبرانية في الشرطة البريطانية، عبر آليات تحليل آلي لأنماط المكالمات المشبوهة وربطها بمصادرها الجغرافية. وتُخطّط الحكومة كذلك لتوسيع العمل المشترك مع الاتحاد الأوروبي وشركاء الكومنولث لتتبع شبكات الاحتيال العابرة للحدود.
وقال متحدث باسم وزارة الاتصالات البريطانية إن “الجهود الجديدة ستجعل من الصعب أكثر من أي وقت مضى على المجرمين خداع المواطنين عبر المكالمات الاحتيالية، باستخدام أحدث التقنيات لكشفهم وتقديمهم للعدالة”، مؤكداً أن المملكة المتحدة تعمل لتصبح بيئة اتصالات آمنة وموثوقة عالمياً.































