التكاليف الخفية لاختبارات الاختراق.. كيف تحقق معادلة الأمان المطلوب دون نفقات باهظة أو اضطرابات تشغيلية؟

اختبارات الاختراق وسيلة أساسية لضمان أمن أنظمة تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات، لكنها ليست حلاً موحدًا يناسب الجميع. فالنهج التقليدي غالبًا ما يكون جامدًا، ويستهلك الوقت والمال، وقد يُنتج نتائج أقل كفاءة مما يُتوقع.

أهمية اختبار الاختراق

تكمن فائدة اختبار الاختراق في تمكين ما يُعرف بـ”الهاكر الأخلاقي” من محاولة اختراق النظام باستخدام الأدوات والتقنيات نفسها التي يستخدمها المهاجمون الحقيقيون، مما يمنح المؤسسات تأكيدًا على متانة إعداداتها الأمنية، ويكشف في الوقت ذاته عن نقاط الضعف ومجالات التحسين.

ويشبه المركز الوطني للأمن السيبراني البريطاني (NCSC) هذه العملية بالمراجعة المالية قائلًا:”فريقك المالي يتابع الإيرادات والمصروفات يوميًا، أما التدقيق الخارجي فيضمن أن إجراءات فريقك الداخلي كافية وسليمة.”

ومع أن فوائد الاختبار واضحة، إلا أن تكلفته الحقيقية قد تكون أكبر مما تبدو عليه، إذ يتطلب وقتًا وجهدًا إداريًا مكثفًا. ومن هنا تأتي أهمية فهم التكاليف الخفية المرتبطة بهذه العملية.

الأعباء الإدارية الخفية

قد تتسبب اختبارات الاختراق التقليدية في عبء إداري كبير، بدءًا من تنسيق الجداول الزمنية بين فريق المؤسسة وفريق الاختبار الخارجي، مرورًا بجمع قوائم الأنظمة والموجودات الرقمية، وانتهاءً بإعداد بيانات الدخول (credentials) التي قد يحتاجها المختبرون لمحاكاة سيناريوهات معينة — مثل محاولة موظف ساخط استهداف أنظمة الشركة.

هذا التنسيق يستنزف وقت الموظفين ويُشتتهم عن مهامهم الأساسية، ما يرفع التكلفة غير المباشرة للاختبار.

تعقيد تحديد النطاق

من العناصر الحساسة في عملية الاختبار تحديد نطاق الاختبار (scope) بدقة — أي ما هو مسموح للمخترقين باختباره وما هو خارج الحدود.
تُبنى هذه القرارات داخل المؤسسة، وغالبًا ما تتأثر بطبيعة التطبيقات والأنظمة التي لا يمكن اختبارها لأسباب تشغيلية أو أمنية.
لكن مع تغيّر بيئات العمل التقنية باستمرار، قد يتعين على الفرق الأمنية مراجعة النطاق بانتظام لتحديد ما إذا كانت التغييرات في البنية التحتية تتطلب توسيع الاختبار.

وقد يؤدي ذلك إلى ما يُعرف بـ “تسلل النطاق” (Scope Creep)، وهو اتساع غير مقصود لمهام الاختبار، مما يضاعف الجهد والتكلفة على كل من الفرق الداخلية والمختبرين الخارجيين.

التكاليف غير المباشرة

إلى جانب التكاليف المالية، قد يسبب اختبار الاختراق تعطيلًا تشغيليًا مؤقتًا خلال فترة الاختبار، فضلًا عن التكاليف اللاحقة لمرحلة إصلاح الثغرات وإعادة التحقق منها (Remediation & Retesting)، والتي قد تتطلب استشارات إضافية أو حتى تنفيذ اختبارات جديدة للتأكد من فعالية الإصلاحات.
كل ذلك يضيف أعباء زمنية ومالية متزايدة على المؤسسة.

تحديات إدارة الميزانية

إدارة الميزانية المخصصة لاختبارات الاختراق قد تكون معقدة. فهل تختار المؤسسة نموذج التكلفة الثابتة، حيث يقدم فريق الاختبار سعراً محدداً؟ أم نموذج الوقت والمواد، الذي يعتمد على عدد الساعات الفعلية المستغرقة وقد يتجاوز التقديرات المسبقة؟

تشير منصة Network Assured إلى أنه “من الصعب جدًا وضع معيار دقيق لتكلفة اختبار الاختراق، لأن كل اختبار يختلف من حيث الأهداف والبيئة والمنهجية.”
ولذلك، يبقى التحدي في تحقيق أفضل عائد على الاستثمار مع الحفاظ على الفعالية الأمنية المطلوبة.

اختبار الاختراق كخدمة (PTaaS): الحل العصري

لتجاوز تلك التحديات، تتجه المؤسسات نحو تبنّي نموذج اختبار الاختراق كخدمة (Penetration Testing as a Service – PTaaS)، وهو نهج أكثر مرونة وقابلية للتخصيص وفق احتياجات كل مؤسسة.
هذا النموذج يتيح مراقبة مستمرة للأسطح المعرضة للهجوم وتحديد الأولويات ومعالجة الثغرات دون تعطيل سير العمل.

على سبيل المثال، تقدم شركة Outpost24 خدمة CyberFlex، التي تدمج بين قدرات PTaaS وحلول إدارة سطح الهجوم الخارجي (EASM)، في إطار نموذج استهلاك مرن يوفر رؤية شاملة للتكاليف والقدرات الأمنية معًا.

فبينما تبقى اختبارات الاختراق ركيزة أساسية لحماية الأنظمة، فإن النهج الذكي القائم على الخدمة يمكن أن يحقق الأمان المطلوب دون تكاليف باهظة أو اضطرابات تشغيلية.

محمد طاهر
محمد طاهر
المقالات: 807

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.