حذّر باحثون في الأمن السيبراني من أن أكواد JavaScript غير المراقبة تمثل اليوم أخطر ثغرة في منظومة أمن المواقع الإلكترونية، خصوصًا مع اقتراب موسم التسوق للعام 2025، حيث تزداد هجمات سرقة بيانات الدفع في ظل عجز أنظمة الحماية التقليدية مثل جدران الحماية (WAF) وأنظمة كشف التسلل عن رصدها.
وتشير التقارير إلى أن هجمات موسم 2024، مثل اختراق Polyfill.io الذي طال أكثر من 500 ألف موقع، وهجوم Magecart الذي استهدف متجر “سيسكو”، أثبتت أن المهاجمين باتوا يستغلون الأكواد التابعة لجهات خارجية في فترة الذروة التجارية، حين ترتفع وتيرة الهجمات بنسبة 690%.
ثغرة بيئة المتصفح
على الرغم من التطور الكبير في تقوية خوادم المؤسسات وشبكاتها، فإن بيئة المتصفح تبقى الحلقة الأضعف، حيث تعمل الأكواد الخبيثة داخل أجهزة المستخدمين دون أن تراها أدوات المراقبة المعتادة.
وتوضح تقارير من IBM وVerizon وReflectiz أن هذا التحول في ساحة التهديدات يعود إلى عدة عوامل:
-
ضعف الرؤية الأمنية في بيئة المتصفح، إذ لا تستطيع أنظمة المراقبة على جانب الخادم تتبع تنفيذ الأكواد داخل المتصفح.
-
تشفير الاتصالات عبر HTTPS، مما يمنع أدوات المراقبة من تحليل البيانات المرسلة إلى النطاقات الخارجية.
-
الطبيعة الديناميكية للعميل، إذ تتغير سلوكيات الأكواد وفق توقيت الاستخدام أو تفاعل المستخدم.
-
الفجوات التنظيمية، إذ لا تزال اللوائح مثل PCI DSS 4.0.1 تفتقر إلى توجيهات كافية لحماية البيانات في جانب العميل.
أبرز أساليب الهجوم من جانب العميل
هجمات E-skimming (Magecart):
تُعد من أخطر الهجمات، إذ تُحقن أكواد JavaScript خبيثة في مواقع التجارة الإلكترونية لسرقة بيانات الدفع مباشرة من نموذج الشراء. وقد شكّل اختراق British Airways عام 2018 مثالًا شهيرًا على ذلك، بعدما تسربت بيانات أكثر من 380 ألف عميل بسبب كود واحد لم يُكتشف طوال أسبوعين.
اختراقات سلسلة التوريد:
الاعتماد المتزايد على خدمات الطرف الثالث (كالتحليلات والدفع والدردشة الإعلانية) فتح الباب أمام المهاجمين، كما حدث في اختراق Ticketmaster عام 2019، حين تسببت أداة دعم عملاء مصابة في تعريض المنصة بأكملها للخطر.
السكربتات المظللة (Shadow Scripts):
تعاني العديد من المؤسسات من فقدان الرؤية الكاملة لجميع الأكواد النشطة على صفحاتها، إذ يمكن أن تُحمّل السكربتات الأخرى ديناميكيًا دون علم الفريق الأمني، ما يسمح بتشغيل أكواد غير مصرح بها في الخفاء.
التلاعب بالجلسات والكوكيز:
تتيح بعض الهجمات استخراج رموز المصادقة أو التلاعب ببيانات الجلسات داخل المتصفح، وهو ما يجعل اكتشافها صعبًا للغاية، نظرًا لغياب أي سجلات على الخادم.
دروس موسم التسوق لعام 2024
أظهرت حوادث العام الماضي تصاعد خطر الهجمات من جانب العميل، بدءًا من اختراق Polyfill.io الذي استُخدم لإعادة توجيه المستخدمين إلى مواقع ضارة، مرورًا بهجوم Magecart على متجر “سيسكو”، وانتهاءً بحالات مثل إصابة موقع Shrwaa.com الكويتي طوال عام 2024 بأكواد خبيثة. كما كشفت عائلة Grelos من أدوات التسلل عن تطور كبير في استغلال بيانات الجلسات عبر نماذج دفع وهمية، خصوصًا خلال فترتي الجمعة السوداء والاثنين الإلكتروني.
موسم العطلات: بيئة مثالية للهجوم
تجتمع خلال موسم التسوق عدة عوامل تجعل الشركات أكثر عرضة للاختراق:
-
تضاعف الدوافع الإجرامية مع ارتفاع حجم المعاملات، حيث سجّل يوم Cyber Monday وحده 5.4 تريليون طلب يومي عبر شبكة Cloudflare.
-
فترات تجميد الكود (Code Freeze) التي تعيق الاستجابة السريعة للثغرات الجديدة.
-
توسّع الاعتماد على الخدمات الخارجية لحملات التسويق والدفع.
-
نقص الموارد البشرية، إذ تقلّ فرق المراقبة الليلية بنسبة تصل إلى 50% خلال العطلات.
كيف تُحكم السيطرة على أمن جانب العميل
-
تطبيق سياسة أمن المحتوى (CSP):
ابدأ بتفعيلها في وضع المراقبة فقط لتتبّع سلوك السكربتات قبل تقييدها. يجب تجنب خاصية ‘unsafe-inline’ لأنها تُبطل الحماية، واستبدالها بالـnonces التي تسمح فقط بتشغيل السكربتات المصرح بها. -
تفعيل سلامة الموارد الفرعية (SRI):
للتحقق من سلامة الأكواد الخارجية وضمان عدم تعديلها. -
إجراء تدقيق دوري للأكواد:
احتفظ بسجلّ كامل لكل سكربت مع بيان هدفه ومستوى وصوله للبيانات ومصدره. -
مراقبة النشاط في الوقت الفعلي:
باستخدام أدوات مخصصة لمراقبة سلوك الأكواد على المتصفح، مثل حلول Web Exposure Management أو RASP. -
إعداد خطة استجابة للحوادث:
تتضمن إجراءات العزل، والتواصل مع العملاء، والتنسيق مع مزودي الخدمات، وإبلاغ الجهات التنظيمية عند الضرورة.
العقبات العملية والحلول المقترحة
قد تعترض المؤسسات تحديات تقنية عند تطبيق الحماية من جانب العميل، مثل تعارض بعض الأنظمة القديمة مع CSP، أو تأثيرات طفيفة على الأداء. ويوصي الخبراء بالاعتماد التدريجي، وقياس تأثير الأداء، وإدراج المتطلبات الأمنية ضمن عقود الموردين.
أما المؤسسات ذات الموارد المحدودة، فيمكنها الاستعانة بخدمات الأمن المُدارة أو أدوات مجانية لمراقبة السكربتات وتحليل تقارير CSP.
نحو نموذج أمني جديد
تشير التقارير إلى أن المؤسسات التي تطبق مراقبة للعميل تكتشف الهجمات أسرع بـ5.3 أشهر من غيرها، مما يقلل تكاليف الاختراقات التي يبلغ متوسطها 3.9 ملايين دولار.
ومع اقتراب موسم التسوق، يتوجب على الشركات الانتقال من النموذج الدفاعي التقليدي إلى نموذج أكثر شمولًا يحمي المستخدمين حتى داخل متصفحاتهم، ليغدو موسم الأعياد فرصة لتعزيز الأمن لا اختبارًا له.