خطوات بسيطة لتقليص مساحة الهجوم السيبراني

شهد الأمن السيبراني تحولات جذرية منذ بداية الألفية، حيث لم تعد الفيروسات مثل “Love Bug” عام 2001 مجرد إزعاج تقني، بل أصبحت الجرائم الإلكترونية صناعة منظمة تُدر مليارات الدولارات. هذا الواقع يفرض على قادة الأمن السيبراني ومديري تقنية المعلومات نهجًا استباقيًا يركز على منع الهجمات قبل وقوعها، وليس الاكتفاء برصدها بعد حدوثها.

في هذا السياق، يؤكد خبراء الصناعة أن تطبيق سياسة “الأمن الافتراضي” (Security by Default) يمكن أن يقلص بشكل كبير من سطح الهجوم، ويُعزز مرونة البنية التحتية.

المصادقة متعددة العوامل والرفض الافتراضي

أحد أبرز التدابير التي لا غنى عنها هو فرض المصادقة متعددة العوامل (MFA) على جميع الحسابات البعيدة، بما في ذلك خدمات SaaS مثل Office 365 وGoogle Workspace وأدوات الوصول عن بُعد. هذا الإجراء يقلل احتمالية الاختراق حتى في حال تسريب كلمات المرور.

كما يُعد مبدأ “الرفض الافتراضي” (Deny-by-Default) من أكثر الاستراتيجيات فاعلية، حيث لا يُسمح بتشغيل أي تطبيق إلا إذا كان مدرجًا في قائمة بيضاء مسبقة، ما يحبط محاولات تشغيل برمجيات الفدية أو أدوات التحكم البعيدة غير المصرح بها مثل AnyDesk.

تغييرات سريعة في الإعدادات الافتراضية

بعض التعديلات البسيطة في أنظمة التشغيل يمكن أن تغلق ثغرات واسعة:

  • تعطيل وحدات الماكرو في Microsoft Office لمنع الهجمات الشائعة بالبرمجيات الخبيثة.

  • فرض قفل الشاشة التلقائي بكلمة مرور بعد فترة قصيرة من عدم النشاط.

  • إيقاف بروتوكول SMBv1 الذي استُغل في هجمات كبرى مثل WannaCry.

  • تعطيل أداة تسجيل ضغطات المفاتيح في ويندوز لتقليل مخاطر الاختراقات.

ضبط الشبكات وسلوك التطبيقات

من الإجراءات التي تُعتبر حجر أساس في الحماية:

  • إزالة صلاحيات المسؤول المحلي (Local Admin) لمنع المستخدمين أو البرمجيات من التلاعب بالإعدادات.

  • حظر المنافذ غير الضرورية مثل SMB وRDP، وتقييد وصول الخوادم إلى الإنترنت إلا عند الضرورة.

  • استخدام أدوات مثل ThreatLocker Ringfencing™ للحد من سلوك التطبيقات، مثل منع برنامج Word من تشغيل PowerShell.

  • تعزيز أمان الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) عبر تقييد الوصول إلى عناوين IP محددة.

تعزيز ضوابط البيانات والاستمرار في المراقبة

لزيادة الحماية، يُوصى بـ:

  • حظر أجهزة USB غير المصرح بها لتجنب انتشار البرمجيات الخبيثة.

  • مراقبة نشاط الملفات محليًا وعلى السحابة لاكتشاف أي سلوك مشبوه.

  • تحديث الأنظمة والبرامج بانتظام لإغلاق الثغرات المعروفة.

  • الاعتماد على أدوات EDR وMDR لرصد التهديدات على مدار الساعة والتدخل السريع عند حدوث اختراقات.

ويخلص الخبراء إلى أن اعتماد إعدادات افتراضية قوية لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة. فالهجمات لا تحتاج سوى فرصة واحدة للنجاح، بينما يتطلب الدفاع السيبراني دقة مطلقة على الدوام.

محمد الشرشابي
محمد الشرشابي
المقالات: 187

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.