“من الكود إلى السحابة”.. رؤية جديدة لتوحيد فرق التطوير والأمن والتشغيل

مع التزايد المتنامي على  الاعتماديات الرقمية، أصبح مجرد خطأ صغير في الكود قادراً على التحول إلى كارثة بمجرد وصوله إلى بيئة السحابة. فالهجمات الإلكترونية الناشئة عن ثغرات التطبيقات تُكبّد الشركات خسائر فادحة، حيث بلغ متوسط تكلفة خرق البيانات عالميًا في عام 2025 نحو 4.44 مليون دولار. وغالبًا ما تكون هذه الخسائر نتيجة ثغرات في أمان التطبيقات مثل هجمات الويب التي تسرق بيانات الاعتماد وتفتح الباب أمام المخترقين.

تحديات متنامية أمام المؤسسات

تنامي اعتماد المؤسسات على فرق التطوير (Dev) في دفع عجلة الابتكار جعل بيئة العمل أكثر تعقيدًا، إذ تظهر المخاطر في الكود لكن لا يتم اكتشافها إلا لاحقًا في السحابة. هذا الأمر يؤدي إلى بطء في المعالجة وارتباك بين الفرق، ما يمنح المهاجمين وقتًا كافيًا لاختراق الأنظمة. تقارير حديثة تشير إلى أن 32% من المؤسسات تعتبر ضعف كفاءة إدارة الثغرات أبرز تحدياتها، بينما يرى 30% أن تأمين أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي يشكل هاجسًا متزايدًا، في وقت تعاني فيه 97% من الشركات من مشكلات أمنية مرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

الرؤية الجديدة: من الكود إلى السحابة

المفهوم الجديد المعروف باسم “Code-to-Cloud Visibility” أو “الرؤية من الكود إلى السحابة”، يَعِد بتغيير جذري في طريقة تعامل المؤسسات مع أمن التطبيقات. الفكرة تقوم على توفير خط رؤية متكامل منذ لحظة كتابة الكود وحتى نشره وتشغيله في السحابة، ما يسمح بالكشف المبكر عن الثغرات والأسرار والإعدادات الخاطئة، وبالتالي معالجتها قبل أن تتحول إلى أزمة حقيقية.
ويرى خبراء الأمن أن هذا النهج لا يُحسّن فقط سرعة الاستجابة، بل يخلق أيضًا لغة مشتركة توحّد فرق التطوير والتشغيل والأمن، فتتراجع الخلافات الداخلية ويزداد التنسيق، وهو ما يقلّص أزمنة الإصلاح ويخفض معدلات الثغرات بنسبة تصل إلى 30% وفق تجارب ميدانية.

آفاق مستقبلية وتوجهات السوق

تقارير “جارتنر” تتوقع أنه بحلول عام 2026 ستتبنى 40% من المؤسسات أدوات ASPM (إدارة أمان تطبيقات البرمجيات) لتعزيز هذا النهج، باعتباره أصبح ضرورة لا رفاهية. كما يشير خبراء إلى أن “الرؤية من الكود إلى السحابة” لا تقتصر على معالجة المخاطر التقليدية، بل تمتد لتشمل التعامل مع التهديدات الناشئة مثل الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي والامتثال للوائح التنظيمية الجديدة.
وفي ظل تصاعد الهجمات واسعة النطاق – مثل اختراق منصة PowerSchool الذي أثّر على ملايين المستخدمين أو هجمات الفدية التي عطّلت سلاسل التوريد – تبدو الحاجة ملحّة لاعتماد منهج وقائي يعزز الحماية من نقطة البداية وحتى النهاية.

محمد الشرشابي
محمد الشرشابي
المقالات: 181

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.