من اختراقات الكوانتم إلى دفاعات الذكاء الاصطناعي: دليل الخبراء لبناء صمود سيبراني لا يُكسر

يشهد العالم ثورة مزدوجة تقودها الحوسبة الكوانتمية والذكاء الاصطناعي، ثورة تَعِد بفرص غير مسبوقة في تسريع الابتكار وتعزيز القدرات البشرية والمؤسسية. لكن الوجه الآخر للعملة قد يكون كارثيًا: تخيّل أن تستيقظ لتكتشف أن قراصنة استخدموا حاسوبًا كوانتميًا لكسر تشفير شركتك بين ليلة وضحاها، مكشفين بياناتك الحساسة ومقوّضين ثقة عملائك، بينما تواجه تكاليف خيالية لمعالجة الخلل.

تقديرات “آي بي إم” تشير إلى أن متوسط كلفة الاختراق السيبراني بلغ 4.44 مليون دولار عالميًا، وترتفع إلى 10.22 مليون دولار في الولايات المتحدة، لكن مع دخول الكوانتم والذكاء الاصطناعي معًا إلى المشهد، يتوقع الخبراء أن الأرقام قد تقفز إلى مستويات أعلى بكثير.

التهديد الكامن في تقدم الكوانتم والذكاء الاصطناعي

يرى نحو ثلثي المؤسسات في عام 2025 أن الحوسبة الكوانتمية تمثل التهديد الأكبر خلال 3-5 سنوات مقبلة، فيما يستعد 93% من قادة الأمن لمواجهة هجمات يومية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. فالتطورات المذهلة، من الاتصالات الفورية عبر التشابك الكوانتمي إلى الحوسبة الفائقة السرعة، قد تفتح الباب أمام حقبة من “حصاد البيانات المشفرة اليوم وفكها غدًا”، حيث يخزن المهاجمون البيانات بانتظار قوة الكوانتم لكسرها.

إلى جانب ذلك، أثبت الذكاء الاصطناعي التوليدي قدرته على رفع فعالية الهجمات، إذ يمكنه إنتاج رسائل تصيّد لا تُفرّق عن الحقيقية، أو إنشاء هويات مزيفة متقنة، ما يجعل الهجوم أكثر إقناعًا وصعوبة في الاكتشاف.

الحلول: بناء صمود سيبراني متعدد الطبقات

الخبر السار أن الأدوات لمواجهة هذه الأخطار ليست مستقبلية بحتة، بل متاحة الآن. ويشدد خبراء الأمن على ضرورة:

  • اعتماد بنى تشفير مقاومة للكوانتم قبل حلول “اليوم الكوانتمي” (Q-day).

  • تطبيق مراقبة متقدمة بالذكاء الاصطناعي لكشف الهجمات المدفوعة بنفس التقنية.

  • تصميم استراتيجيات مخصّصة لكل قطاع مثل المال والرعاية الصحية والبنية التحتية الحرجة.

  • التحوّل من منطق الحظر الكامل إلى سياسات ديناميكية تتكيّف مع المخاطر دون تعطيل الإنتاجية.

ما الذي يقدمه دليل الخبراء؟

في ندوة متخصصة بعنوان “بناء الثقة والصمود في عصر الذكاء الاصطناعي والكوانتم 2.0”، سيقدّم نخبة من أبرز قادة المجال خطوات عملية لصناعة منظومات منيعة، منها:

  • آخر المستجدات في الكوانتم 2.0 وتكاملها مع الذكاء الاصطناعي.

  • طرق إدارة المخاطر الناشئة عند التقاء التقنيتين.

  • خارطة طريق عملية تبدأ من الاستشارة والتخطيط وصولًا إلى النشر والخدمات المستمرة.

  • توصيات خاصة بكل صناعة عالية المخاطر لحماية البيانات وضمان الثقة.

لحظة حاسمة للمؤسسات

تؤكد تقارير مثل التوقعات العالمية للأمن السيبراني أن 47% من المؤسسات تخشى تصاعد الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. في ظل هذا المشهد، الانتظار لم يعد خيارًا. فالصمود السيبراني لم يعد رفاهية، بل ضرورة عاجلة لحماية البيانات، ضمان الاستمرارية، والحفاظ على الثقة في عصر يعيد فيه الكوانتم تشكيل قواعد اللعبة.

محمد الشرشابي
محمد الشرشابي
المقالات: 207

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.