فرق أمنية مصغرة ومخاطر أكبر: لماذا يجب على مديري الأمن إعادة التفكير في معالجة الحوادث؟

تشهد الشركات الكبرى تقليص حجم فرقها بينما يتباهى الرؤساء التنفيذيون بالكفاءة التشغيلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. فقد قلّصت Wells Fargo قوتها العاملة بنسبة 23% خلال خمس سنوات، وتخلصت Bank of America من 88,000 موظف منذ 2010، فيما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة Verizon أن عدد الموظفين “يتراجع باستمرار”. ما كان يُنظر إليه سابقًا كعلامة على تدهور الشركات أصبح اليوم وسام شرف للإدارة الرشيقة والكفاءة الذكية.

إلا أن مديري الأمن (CISOs) يواجهون ضغوطًا أكبر، إذ تصبح كل حادثة أمنية يمكن تجنبها أكثر تكلفة مع تقليص الموارد، خاصة مع نسب غير مستدامة بين المطورين وفِرق الأمن السيبراني. ضمن هذا السياق، تمثل الأسرار المضمّنة في الشيفرات البرمجية Hardcoded Secrets ثغرة خطيرة لا يمكن إدارتها يدويًا أو من خلال الاستجابة التفاعلية التقليدية.

أرقام لا تكذب: كلفة الحوادث الأمنية

بحسب أحدث أبحاث IBM، فإن 86% من الاختراقات تتضمن أسرارًا أو بيانات اعتماد مسروقة، ويستغرق متوسط الوقت لتحديد الحادث واحتوائه 292 يومًا.
وفي الولايات المتحدة، وصلت تكلفة الاختراقات إلى 10.22 مليون دولار بسبب الغرامات التنظيمية وتكاليف الاكتشاف، فيما تشير أبحاث HashiCorp إلى أن الحوادث المرتبطة بالأسرار المضمّنة تزيد التكلفة بمقدار 750,000 دولار إضافية، ما يرفع التكلفة المحتملة إلى أكثر من 11 مليون دولار.

كما أن التكاليف المخفية كبيرة، إذ تهدر المؤسسات حوالي 1.4 مليون دولار سنويًا لإدارة الأسرار يدويًا، بما في ذلك وقت المطورين في تدوير البيانات والتحقيق في التسريبات (936,000 دولار) ووقت محللي الأمن في معالجة التنبيهات الكاذبة وملاحقة الأسرار المسربة (>500,000 دولار).

حوادث العالم الواقعي تظهر هذا التأثير بوضوح، فشركة Canva واجهت أيامًا من توقف العمل عبر فرق متعددة بسبب سرقة سر واحد فقط، مستهلكة موارد هندسية كان من المفترض أن تركز على تطوير المنتجات.

كيف تضاعف الفرق المصغرة المخاطر

تقليص الفرق يعني زيادة متوسط وقت معالجة الحوادث، ويجعل نافذة الاحتواء البالغة 292 يومًا أكثر خطورة. كل حادثة أمنية تشتت الفرق المتعبة عن الوظائف الأساسية، محدثة تكاليف إضافية بسبب التحويل المستمر للسياق (Context Switching) التي لا تستطيع المؤسسات الرشيقة تحملها.

كما تتزايد نطاق المشكلة مع تقلص الفرق، إذ تحتوي المؤسسات الكبرى على آلاف الأسرار غير المدارة المنتشرة عبر مستودعات الشيفرات البرمجية، خطوط أنابيب CI/CD، قنوات Slack، تذاكر Jira، ومنصات التعاون الأخرى. وتشير أبحاث HashiCorp إلى أن 40% من هذه الأسرار تقع ضمن فئات عالية الخطورة، غالبًا تمنح وصولًا مباشرًا للإنتاج.

هذا يخلق تأثير مضاعف: مفتاح API واحد يمكن أن يمكّن من الانتقال الجانبي، اختراق سلسلة التوريد، ونشر برامج الفدية على نطاق واسع. ويظهر هجوم s1ngularity هذا بوضوح: فقد بدأ بسرقة توكن GitHub Action، ثم استولى على حزم Nx، ما أدى إلى سرقة 2,349 بيانات اعتماد وتسبب في كشف 82,901 سر إضافي من خلال جعل أكثر من 10,000 مستودع خاص عامًا.

الاستجابة الاستراتيجية: الدقة قبل الحجم

تعترف أدوات مثل GitGuardian بأن الكشف وحده لا يكفي. فبدون معالجة فعالة للحوادث، تصبح التنبيهات مجرد ضوضاء مكلفة تثقل كاهل الفرق المجهدة بالفعل. معالجة الأسرار تختلف عن الثغرات التقليدية، إذ تحتاج إلى فهم السياق الكامل للبنية التحتية، بما في ذلك مكان استخدام السر، الأنظمة المعتمدة عليه، ومن يملك الصلاحية لتدويره، غالبًا عبر تنسيق بين فرق التطوير والمنصة وDevOps.

تقليص وقت المعالجة من أسابيع إلى ساعات

تتيح منصات معالجة الأسرار المتقدمة:

  • الكشف الاستباقي: مسح تلقائي أثناء الالتزام (commit) ومسح للحالات القائمة للكشف قبل تجاوز نافذة الاحتواء.

  • تحديد المسؤولية بوضوح: تخصيص كل سر لمطور محدد مع كامل السياق، مما يلغي الوقت الضائع في البحث عن المالك.

  • اتخاذ قرارات مستنيرة: تزويد الفرق بمعلومات دقيقة عن موقع كل سر وما يفتحه، وهل ما يزال فعالًا، لتجنب الهدر السنوي البالغ 936,000 دولار.

  • تكامل سير العمل: توجيه المطورين لإصلاح الأسرار ضمن أدواتهم المعتادة، مع قدرات تلقائية لإبطال الأسرار وإنشاء طلبات تصحيح في أنظمة التحكم بالإصدارات.

العائد على الاستثمار من المعالجة الذكية

من خلال تحديد الملفات والأسطر التي تحتوي على أسرار مضمّنة بدقة، يحوّل GitGuardian اقتصاديات الاستجابة للحوادث، مما يتيح للمطورين التركيز على مكان الحاجة الفعلية، مع تتبع المعالجة لحظيًا من قبل فرق الأمن دون إشراف يدوي مستمر.

هذا النهج الدقيق يعالج التحدي الأساسي أمام فرق الأمن المصغرة: القيام بالمزيد بالقليل مع الحفاظ على المستوى الأمني المطلوب.

محمد الشرشابي
محمد الشرشابي
المقالات: 207

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.