في حادثة تكشف عن تحوّل خطير في أساليب الابتزاز السيبراني، أفادت تقارير صحفية أن أحد صحفيي هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) تلقّى عرضًا مغريًا من مجرمين إلكترونيين سعوا لاختراق شبكة المؤسسة مقابل نسبة من فدية محتملة.
عرض مالي مقابل الوصول الداخلي
بدأت الواقعة في يوليو 2025، حين تلقّى الصحفي رسالة عبر تطبيق Signal المشفّر من شخص مجهول ادّعى انتماءه إلى عصابة الفدية Medusa. وجاء في الرسالة: “إذا كنت مهتمًا، يمكننا أن نمنحك 15٪ من أي مبلغ فدية نحصل عليه مقابل السماح لنا بالوصول إلى حاسوبك.”
ووفقًا للمصادر، كان الهدف من العرض هو استخدام جهاز الصحفي كنقطة دخول إلى شبكة BBC لسرقة بيانات حساسة يمكن مساومة المؤسسة عليها لاحقًا.
استجابة فورية وإجراءات أمنية صارمة
اتخذت هيئة BBC إجراءات وقائية سريعة فور اكتشاف المحاولة، حيث تم فصل حساب الصحفي عن شبكة المؤسسة بالكامل لمنع أي احتمال للاختراق. وعندما توقّف الصحفي عن الرد على الرسائل، قام المهاجم بحذف حسابه على تطبيق Signal، في محاولة لإخفاء أثره الرقمي.
خلفيات تكشف تطورًا في استراتيجيات التهديد
تُعدّ هذه الحادثة مثالًا جديدًا على اتجاه متصاعد بين جهات التهديد يتمثل في استهداف الموظفين من داخل المؤسسات بدلًا من الاعتماد على الهجمات التقنية المباشرة. فالمجرمون الإلكترونيون باتوا يبحثون عن موظفين ساخطين أو ذوي أجور منخفضة داخل الشركات ووسائل الإعلام والجهات الحكومية، لإغرائهم بمبالغ مالية مقابل تزويدهم ببيانات اعتماد أو وصول فعلي إلى الأنظمة.
هذا النهج يندرج ضمن ما يُعرف بـ “شراء الوصول الداخلي” (Insider Access Market)، وهو سوق سوداء نشطة عبر الإنترنت المظلم، تُستخدم لتمهيد الطريق أمام الهجمات الكبرى مثل الفدية والتجسس الصناعي.
مجموعة Medusa: لاعب قديم بثوب جديد
ظهرت مجموعة Medusa Ransomware في عام 2021، وعُرفت بهجماتها ضد المؤسسات التعليمية والبلديات وشركات التكنولوجيا في أوروبا وأمريكا الشمالية. وتعمل العصابة بنظام “الفدية المزدوجة” القائم على تشفير البيانات وتهديد الضحية بتسريبها علنًا إن لم تدفع المبلغ المطلوب. ويبدو أن المجموعة تتجه حاليًا إلى الاعتماد على تجنيد مصادر داخلية بدلًا من الاختراقات التقنية التقليدية، ما يزيد من صعوبة اكتشاف نشاطها.
تؤكد هذه الحادثة أن البُعد البشري بات الحلقة الأضعف في الأمن السيبراني، وأن تعزيز الوعي الأمني لدى الموظفين لم يعد خيارًا بل ضرورة وجودية لأي مؤسسة إعلامية أو تجارية في عصر الفدية الحديثة.