أعلنت مؤسسة سيغنال، المطوّرة لتطبيق المراسلة الآمنة الشهير، أنها قد تضطر إلى الانسحاب من السوق الأسترالية إذا أصرت الحكومة على فرض قوانين تجبرها على إدخال “باب خلفي” في خوارزميات التشفير أو تسليم بيانات المستخدمين المشفّرة. وجاء هذا التحذير على لسان رئيسة المؤسسة، ميريديث ويتيكر، التي شددت على أن “سيغنال” لن تساوم على مبادئها المتعلقة بالخصوصية والأمان الرقمي.
خلفية الصراع: معركة مستمرة حول التشفير
الجدل الدائر حول تشفير البيانات ليس جديدًا، فقد شهدت بداية هذا العام تصعيدًا مماثلًا في المملكة المتحدة، حيث أصدرت الحكومة البريطانية أمرًا سريًا طالبت فيه شركة آبل بإتاحة وصول السلطات إلى البيانات المشفرة لمستخدميها. وقد أدى هذا الضغط إلى قيام آبل بإزالة ميزة “الحماية المتقدمة للبيانات” (Advanced Data Protection) من أجهزتها الموزعة في المنطقة، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بشأن حدود تدخّل الحكومات في خصوصيات الأفراد.
موقف شركات التكنولوجيا العملاقة: آبل تخضع، وغوغل توضح
في الوقت الذي يبدو فيه أن الحكومة البريطانية بدأت تتراجع عن مطلبها السابق، كشفت شركة غوغل في تصريح رسمي لموقع “تك كرانش” أنها لم تتلقَّ أي طلب من السلطات البريطانية لإدخال باب خلفي في أنظمتها، في تلميح إلى اختلاف تعامل الشركات الكبرى مع الضغوط الحكومية. وقد اعتُبر هذا التصريح أول تعليق رسمي من غوغل حول القضية، وأثار اهتمام المتابعين في مجال الأمن الرقمي.
سيغنال: الخصوصية ليست خيارًا
تعتمد “سيغنال” على نظام تشفير طرف إلى طرف يُعد من بين الأكثر أمانًا في العالم، وهو ما جعل التطبيق خيارًا مفضّلًا للنشطاء والصحفيين والمستخدمين الذين يضعون الخصوصية في مقدمة أولوياتهم. وترى المؤسسة أن إدخال أي وسيلة تسمح للحكومات بالوصول إلى محتوى الرسائل، حتى تحت مبررات قانونية، يفرّغ مفهوم التشفير من مضمونه ويفتح الباب أمام الاستغلال وانتهاك الحريات.
أستراليا وقوانين التشفير المثيرة للجدل
يُشار إلى أن أستراليا كانت من أوائل الدول التي أصدرت قوانين تسمح للجهات الأمنية بطلب فك التشفير أو التعاون مع الشركات التقنية لتجاوز وسائل الحماية الرقمية، من خلال ما يُعرف بـ”قانون الوصول المشفّر” الصادر عام 2018. وقد واجه هذا القانون معارضة شديدة من خبراء التقنية والخصوصية، الذين اعتبروا أنه يقوّض أسس الأمن السيبراني ويضعف الثقة في التكنولوجيا.