في خطوة جديدة تُبرز تصاعد الرقابة الرقمية في روسيا، أعلنت الهيئة الفيدرالية للرقابة على الاتصالات “روسكومنادزور” عن حجب الوصول إلى موقع Speedtest، أحد أشهر الأدوات العالمية لقياس سرعة الإنترنت، والذي تطوره شركة Ookla الأمريكية. وجاء القرار بذريعة أن الموقع يشكّل “تهديدًا للأمن القومي الروسي” وقد يُستخدم في دعم هجمات إلكترونية ضد البنية التحتية الرقمية في البلاد.
مزاعم تتعلق بالأمن السيبراني
برّرت “روسكومنادزور” القرار بأن الأداة تقوم بجمع بيانات تتعلق بهيكلية وقدرة العقد الشبكية الروسية، مما قد يمنح جهات خارجية إمكانية رسم خرائط للبنية التحتية الرقمية الحساسة في روسيا، وتوظيف هذه المعلومات في تخطيط وتنفيذ وتقييم هجمات إلكترونية ضد شبكات ومرافق الاتصالات الوطنية. وأضافت أن البيانات التي يُحتمل جمعها تشمل معلومات تتعلق بتوزيع الحزم، والاستجابة الشبكية، وسعة الاتصال، ما قد يُعد مادة ثمينة لمهاجمين يسعون لتعطيل أو اختراق الشبكات الروسية.
خلفية القرار وتداعياته
يأتي هذا الحجب في سياق تصعيد روسي مستمر ضد الخدمات الغربية الرقمية منذ بداية النزاع مع أوكرانيا عام 2022، حيث أقدمت موسكو على تقييد أو حظر العديد من المنصات الأجنبية مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب، في محاولة للحد من النفوذ الإعلامي والتقني الغربي، وتعزيز ما تسميه بـ”السيادة الرقمية”. كما تسعى السلطات الروسية لتطوير بدائل محلية تُستخدم داخل نطاق الإنترنت الروسي المعروف باسم “Runet”.
وقد أثار القرار موجة انتقادات من قبل المدافعين عن حرية الإنترنت وحيادية الشبكة، معتبرين أن حجب أدوات قياس الأداء الشبكي يضر بالمستخدمين ويُضعف من قدرة المواطنين والشركات على تقييم جودة الخدمات المقدّمة.
مخاوف من انقطاع العزلة الرقمية
يتزامن هذا التطور مع مساعٍ حكومية روسية لفصل الإنترنت المحلي عن الشبكة العالمية، وإنشاء بيئة رقمية مغلقة تُمكّن الدولة من التحكم الكامل في حركة المعلومات. ويُعتقد أن هذه الإجراءات تصبّ في اتجاه تحصين الفضاء السيبراني الروسي من الاختراقات الخارجية، ولكن على حساب الشفافية التقنية والتكامل مع النظام الرقمي العالمي.
