خلف كل تنبيهٍ سيبراني يقف محلّلٌ مرهق، يحدّق في لوحات المراقبة ساعاتٍ طويلة، بين ليالٍ مثقلة بالإنذارات الكاذبة، وخوفٍ دائم من أن يفوته هجوم حقيقي. ولهذا، لم يَعُد الإرهاق المهني في مراكز العمليات الأمنية نتيجةً للضغط فقط، بل لآليات عملٍ تقليدية يمكن تجاوزها. فالخلاص لا يكون بالعمل أكثر، بل بالعمل أذكى وبشكلٍ جماعي.
تقدّم المقالة ثلاث خطواتٍ عملية لمساعدة مراكز الـSOC على الحدّ من الإنهاك وبناء فرقٍ أكثر كفاءة ومرونة.
أولًا: تقليل الإنذارات المفرطة عبر توفير السياق الفوري
ينشأ إرهاق المحللين عادةً من الإفراط في التنبيهات الناتجة عن بياناتٍ مجتزأة لا تمنح الصورة الكاملة. غير أن الحل يكمن في تمكين الفرق من الوصول إلى السياق السلوكي الكامل للهجوم، ما يتيح لهم تحديد الأولويات بسرعة والتصرّف بثقة.
تعتمد بعض المراكز المتقدمة على أدواتٍ تفاعلية مثل ANY.RUN التي تتيح مشاهدة سلسلة الهجوم كاملة في الوقت الفعلي — من أول تنفيذٍ للعمليات إلى الاتصالات الشبكية ومحاولات استخراج البيانات. وقد مكّنت هذه المقاربة المحللين من كشف هجوم تصيّد استغل منصة ClickUp خلال 60 ثانية فقط، بدل ساعاتٍ من تحليل السجلات.
بهذه الرؤية المتكاملة، يتمكن المحللون من تحقيق تحليل أسرع بثلاثة أضعاف، وتقليل الضوضاء، وتحقيق بيئة عملٍ أكثر هدوءًا وكفاءة.
ثانيًا: أتمتة المهام الروتينية للحفاظ على تركيز المحللين
يقضي المحللون وقتًا طويلًا في أعمالٍ متكرّرة مثل جمع السجلات أو نسخ مؤشرات الاختراق وتحديث التذاكر، وهي مهام تُهدر التركيز وتُفاقم الإرهاق. لكن الأتمتة الذكية تكسر هذه الحلقة، إذ تتولى الأنظمة المهام المملة، تاركةً للمحللين الأعمال ذات القيمة الأعلى كتحليل الهجمات وضبط الكشف والاستجابة للحوادث.
الأدوات الحديثة — مثل بيئة ANY.RUN — أضافت بعدًا جديدًا للأتمتة عبر “التفاعل الآلي”، الذي يحاكي تصرفات المحلل البشري كحلّ اختبارات CAPTCHA أو كشف الروابط الخبيثة داخل رموز QR. وبهذا الأسلوب، تتحقق الكفاءة دون التضحية بالدقة.
تشير البيانات إلى أن دمج الأتمتة بالتفاعل الفوري أسفر عن:
-
تسريع التحقيقات في 95٪ من مراكز الـSOC.
-
تقليص عبء العمل على المحللين المبتدئين بنسبة 20٪.
-
تقليل التصعيد بين المستويات التشغيلية بنسبة 30٪.
-
رفع الكفاءة العامة بثلاثة أضعاف.
ثالثًا: دمج استخبارات التهديدات الفورية لتقليل الجهد اليدوي
من أكثر أسباب الإنهاك شيوعًا مطاردة البيانات القديمة؛ كفحص نطاقاتٍ منتهية أو مؤشراتٍ لم تعد فعالة. ولذا، فإن دمج استخبارات تهديدات حية ومتكاملة هو ما يوفّر السياق اللازم في الوقت الحقيقي ويُقلل الحاجة للتبديل بين الأدوات.
توفّر منصة ANY.RUN تدفقات استخباراتية مستخلصة من أكثر من 15 ألف مركز أمني و500 ألف محلل حول العالم، تُحدث باستمرار وتعكس نشاط التهديدات الآني، وليس تقارير الشهر الماضي.
بفضل هذا الدمج، يمكن للمحللين:
-
الوصول إلى بياناتٍ محدّثة دون مغادرة بيئتهم التشغيلية.
-
تتبّع مؤشرات الاختراق حتى تحليلها الحيّ في المختبر الافتراضي.
-
تجنّب التحقق اليدوي المرهق للمؤشرات القديمة.
-
التصرف بثقة أسرع وباستنادٍ إلى أدلة واقعية.
نحو مراكز SOC أكثر تركيزًا ومرونة
لا ينبع الإرهاق من حجم العمل وحده، بل من الأدوات البطيئة والبيانات القديمة وتكرار المهام. لكن حين تمتلك الفرق رؤيةً فورية، وأتمتةً ذكية، واستخباراتٍ متصلة، تتحول بيئة العمل من فوضى مرهقة إلى نظامٍ متماسك يعزز التركيز ويطيل عمر الإنتاجية.






























